"الحمد لله وحده
والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وءاله وصحبه
حضرات السادة الأساتذة والسيدات
يطيب لنا أن نتوجه اليكم بهذا الخطاب تقديرا من جلالتنا لتخليد موءسسة الحسن الثاني للوقاية من أمراض الجهاز العصبي ومكافحتها للذكرى العاشرة لانشائها بتنظيم ندوة دولية في موضوع "العلاج والوقاية من أجل تخفيض الاعاقة". وانه لتعبير من جلالتنا عما نكنه من اعتبار خاص للاهمية البالغة التي تتمثل في أهدافها الرامية الى مكافحة الاعاقة وقاية وعلاجا وخدمة البحث العلمي في ميادين الصحة العمومية وتشجيعا لاعضائها على المضي في سبيل تحقيق الاهداف النبيلة التي تسعى الى بلوغها.
ان هذه الاهداف التي تتوخون تحقيقها حضرات الأساتذة وما تم منها حتى الان لتندرج في صلب اهتمام جلالتنا بالحياة الصحية للمواطن المغربي ولاسيما ما يتعلق منها بالاعاقة التي يشكل الاهتمام بها هاجسا دائما لدى جلالتنا لما ينتج عنها من تعطيل طاقة الانسان الحية وتهديد مستقبله وحرمانه من أعز ما يمتلكه من قدرات للمشاركة في حياة مجتمعه ووطنه مشاركة ايجابية فاعلة منتجة. ومن ثم يعتبر الانكباب على بحث طبيعة الاختلالات العارضة للاطفال وهم في مرحلة النمو والتشخيص المبكر لتلك الاختلالات العضوية والوظيفية والعمل على علاجها في الوقت المناسب عاملا من عوامل تفادي ما يترتب عنها عادة من اعاقة مزمنة تستمر مدى الحياة. وحتى ان تعذر علاجها علاجا كاملا بالمرة فانه يمكن التخفيف من أضرارها وحصر مفعولها لاسيما ونحن نعلم أن هذه الاعاقات المختلفة التي يتعرض لها الاطفال في مجتمعنا يمكن تفادي الكثير منها باستخدام ما حققه الاخصائيون من علماء البلدان المصنعة من تقدم كبير في التشخيص والعلاج.
لذلك نهيب بجميع فعاليات مجتمعنا المدني الذي أبان عن دينامية خاصة في هذا المجال وبوسائل الاعلام السمعي والبصري في مملكتنا أن يبادروا مع موءسستكم هذه الى انجاز برنامج وطني شامل يستهدف التوعية بضرورة الوقاية والعلاج المبكر للحد من الاعاقة المنتشرة في بيئتنا والتي تمس عددا لا يستهان به من رعايانا الاعزاء ولا سيما الاطفال وذلكم بالتعبئة لتحقيق ما توصي به هذه الندوة من تدابير وتوجهات خدمة للصحة العمومية في مملكتنا بانتهاج السبل والطرق الوقائية العلمية والعمل بوسائل العلاج الممكنة داعين كافة السلطات العمومية خاصة منها أجهزة وزارة الصحة والوزارة المكلفة بادماج الاشخاص المعاقين الى تجنيد كل امكانياتها للانخراط في هذه التعبئة الشاملة.
حضرات السيدات والسادة
لقد اطلعنا على مضمون برنامج هذه الندوة الموازية لاحيائكم للذكرى العاشرة لقيام موءسستكم والتي اتخذت من هذه المناسبة فرصة للقاء علمي بالغ الاهمية بين الاختصاصيين حول موضوعات حيوية تمس واقع الحياة الصحية فشعرنا بالارتياح لما عبرت عنه موءسستكم من وعي وطني وانساني بتشخيص المخاطر الصحية التي ما تزال تهدد الانسان في عصرنا ووجوب التصدي لها بالطرق الوقائية للتخفيف من ءافات الاعاقة وأمراض الجهاز العصبي بمختلف دواعيه ومسبباته ولاسيما مايتصل منها ببيئتنا ومجتمعنا معتقدين بأن من شأن بحث هذه الموضوعات والتركيز على الظواهر الميدانية وكذا التعريف بها عبر تنظيم أبواب مفتوحة موازية لندوتكم أن يمكن المتتبعين لاشغالها من الوقوف على نشاط موءسستكم وبخاصة الاجهزة الطبية المتطورة التي تمكن من التشخيص المبكر لامراض الجهاز العصبي. وكل ذلك سيتيح للمهتمين أن يستفيدوا الاستفاة المرجوة على المدى القريب والبعيد من هذا اللقاء العلمي الهام الذي تنظمه موءسستكم.
ولايخفى أن ما اكتسبتموه من خبرة عميقة وسمعة حسنة على المستوى العالمي في الاوساط الطبية والعلمية وبالاخص في مجال جراحة الدماغ والاعصاب لهو الذي حدا بالفيدرالية الدولية لجراحة الدماغ والاعصاب أن تختار مدينة مراكش لاحتضان موءتمرها الثالث عشر سنة 2005 والذي سيكون بحول الله أول موءتمر طبي عالمي في هذا التخصص ينعقد ببلد افريقي. انه ولا ريب اختيار يعكس في حد ذاته ما يتحلى به الاطباء الاختصاصيون في بلدنا من تفان في البحث والتكوين المستمر للاطر الطبية والاسهام الفعال في خدمة الصحة العمومية التي نعتبرها من أجل الخدمات التي يجب توفيرها لرعايانا الاوفياء.
واننا اذ ننوه بالنتائج التي حققتها موءسستكم منذ انشائها وبأهمية موضوع الندوة ومساهمات المشاركين فيها علميا لنبارك عملكم الانساني والوطني وتوجهكم المستقبلي الى العالم القروي الذي نحيي عزمكم تركيز أعمالكم على وقاية أطفاله من الاعاقة معربين لكم عن ارادتنا الملكية السامية في دعم موءسستكم ومدها بأسباب النجاح والاستمرار لتحقيق الأهداف النبيلة التي تسعى من ورائها الى خدمة الحياة الصحية لابنائنا ورعايانا الاوفياء.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".
وحرر في القصر الملكي بالدار البيضاء في 28 رجب 1421 الموافق ل 26 أكتوبر 2000 م.