وفي بداية هذا الحديث أجاب جلالة الملك عن سوءال حول الجيل الجديد من القادة العرب فقال جلالته '' ان الانتماء الى جيل جديد لا يعني اعادة النظر في كل شيئ وتغيير كل شيء'' مذكرا بأنه'' لا ينبغي للمرء أن يغفل كون التقاليد في البلدان العربية قوية جدا''.
وبخصوص تطلعات جلالة الملك بالنسبة للمملكة قال جلالته '' قد أبدو قليل التواضع اذا قلت أنني أريد الافضل للمغرب. حقيقة ان طفولتي كانت محفوفة برعاية كبيرة. وقد ترعرعت بالتأكيد في قصر لكن لدي احساس بأنني عشت في المغرب بين جميع المغاربة. وأود بالمناسبة أن أعرب عن امتناني لوالدي طيب الله ثراه الذي حرص على أن أتلقى دراستي بالمغرب وليس بالخارج وذلك حتى أكون ملما بشكل أفضل بحقائق بلدي. ولأعود الى سوءالكم أود ان أقول أنني مهما بذلت من جهد فانني لن أفي بلدي حقه كاملا''.
وبالنسبة للنصائح التي زوده بها جلالة المغفور له الحسن الثاني أكد جلالة الملك قائلا ''لقد كان والدي المنعم يقول لي أن ادارة دفة الحكم لاتعني ارضاء الجميع وكان يضيف مخاطبا أياي أن بعض القرارات التي سيكون علي اتخاذها لن ترضيني بالضرورة كما قد تكون قرارات غير شعبية. غير أن هذه القرارات الصعبة وغير الشعبية قد تكون بالذات هي الافضل بالنسبة لبلدي''.
وفي ما يتعلق بالمشاكل التي تعرفها المملكة ذكر جلالة الملك أولا مشكل البطالة ثم مشكلي الفلاحة والجفاف وقال جلالته'' يمكنني ان اتحدث لكم ولساعات طوال عن المعركة ذات الاولوية التي يتعين علينا خوضها بدون هوادة ضد الفقر والبوءس والامية''.
- ديمقراطية ذات خصوصية مغربية
و من جهة أخرى أشار صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى أنه ''ما زال يتعين على المغرب القيام بالشيء الكثير في مجال الديمقراطية. إن التشبع اليومي بالممارسة الديمقراطية هو مسألة وقت. وسيكون من الخطأ محاولة تطبيق نظام ديمقراطي على النمط الغربي في بلدان المغرب العربي أو الشرق الأوسط. فبلداننا ليست هي ألمانيا أو السويد أو إسبانيا. و إذا كنت أكن احتراما كبيرا للبلدان التي بلغت فيها الممارسة الديمقراطية مستوى متطورا جدا إلا أنني أومن إيمانا عميقا بخصوصية كل بلد فيما يتعلق باختيار الإطار الديمقراطي الذي يلائمه ''.
وفي معرض جوابه عن سؤال عما إذا كان النظام الملكي المغربي سيتطور على شاكلة النظام الملكي بإسبانيا قال جلالة الملك''إنني أكن احتراما كبيرا لصاحب الجلالة الملك خوان كار لوس. وأنا أناديه بدون تكلف بالعم خوان. إنه شخصية فذة أعرفه منذ زمان. فهو بمثابة أحد أفراد العائلة. ونحن نتحادث في غالب الأحيان هاتفيا. وليس من النادر أن أطلب رأيه أو نصيحته. إلا أن المغاربة ليسوا هم الأسبان ولن يكونوا كذلك أبدا. إن الديمقراطية على الطريقة الإسبانية صالحة لإسبانيا إلا أن المغرب ينبغي أن يأخذ بنمط ديمقراطي ذي خصوصية مغربية ''.
وحول '' الحركة الإسلامية بالمغرب'' قال جلالته '' بصفتي أمير المؤمنين فإنه من غير الوارد بتاتا أن أقف في وجه الإسلام. ويتعين علينا محاربة العنف والجهل. وإذا كان من المؤكد أن يصادف المرء في الشارع نساء يرتدين الحجاب ورجالا ملتحين فإن ذلك ليس بالأمر الجديد أو الغريب بالمغرب الذي فضل على الدوام التسامح تجاه الآخر.
- يتعين على الاتحاد الأوربي أن يعاملنا كشريك حقيقي
وبخصوص العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي قال صاحب الجلالة '' نحن لا نريد من أوربا أن تقدم لنا المساعدة ولا أن تتفضل علينا بالصدقة. وكل ما نطلبه منها هو أن تعاملنا كشريك حقيقي. ومادام المغرب لم يلمس هذه الإرادة فسينتج عن ذلك نوع من القلق ومن ثم سيكون من الضروري بذل جهد إضافي من أجل اعتماد نظرة لعلاقاتنا تكون مغايرة. ففي كثير من الأحيان لازالت دول شمال حوض المتوسط عندما تنظر إلى دول الجنوب ترى فيها تهديدا محتملا. لقد وقعت بالتأكيد أحداث يمكن أن تفسر قلق بلدان الشمال وساد بسبب ذلك سوء تفاهم طال أمده. ويتعين علينا أن نطمئن أوربا. فلا ينبغي أن ننسب أعمال العنف والإرهاب إلى مئات الآلاف من المغاربة الذين يعملون بسلام في أوربا. والواقع أن الغربيين يقعون بسهولة تحت تأثير هذا الحقد. وينبغي أن تزول هذه العقلية. وأعتقد أننا جميعا في مرحلة إعادة التقويم''.
وعن سؤال حول ما إذا كان من الضروري بالنسبة للمغرب العربي '' ترتيب بيته '' رد صاحب الجلالة بالإيجاب. وقال جلالته '' سأجيبكم بصراحة وإن كان ذلك سيغضب البعض. فإذا كان هناك مشكل فهو قائم بين الجزائر والمغرب وليس مع ما يسمى ب '' الجمهورية الصحراوية '' المعلنة من طرف البوليساريو بدعم من الجزائر. إنها صنيعة الجزائر
وأنا أرفض المشاركة في اجتماع لقادة دول اتحاد المغرب العربي قد يتعين فيه على المشاركين بمن فيهم أنا شخصيا التنافس على من يرفع صوته أكثر لكي يتم سماعه. فعلينا أن ننكب على معالجة الملفات التي تهم التعاون الاقتصادي والاجتماعي ونتفادى الملفات التي ستؤدي بنا إلى مزيد من الانقسامات.
وأعرب صاحب الجلالة بهذا الخصوص عن إعجابه بالرئيس بوتفليقة الذي ''ورث وضعية صعبة'' مضيفا أنه '' من واجب المغرب أن يسهل بمأموريته. فمصالحنا المشتركة لن تجني أي فائدة من مغرب عربي منقسم. وقد كانت الاتصالات التي تمت بيننا "على قلتها" جد إيجابية. فالرئيس بوتفليقة يتمتع بلباقة كبيرة وروح مرحة للغاية ''.
وفي ما يتعلق باحتمال التوصل إلى توافق يكون بديلا للاستفتاء في الصحراء أشار صاحب الجلالة إلا أن هذا '' القرار لن أتخذه بمفردي. فلنا أحزاب سياسية نشطة للغاية كما أن هناك إجماع للشعب المغربي حول قضية الصحراء. ويتعين على الرأي العام الدولي أن يدرك كون هذه القضية حيوية بالنسبة لنا ''.