"الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه
فخامة الرئيس السيد ياسر عرفات
صاحب السمو الملكي
أصحاب المعالي
السيد الأمين العام
حضرات السادة
يطيب لنا أن نرحب بكم على أرض مملكتنا وذلك بمناسبة الدورة الثامنة عشرة للجنة القدس التي تنعقد في ظروف بالغة الدقة تستوجب منا كامل الاهتمام والتبصر وبعد النظر لنكون في مستوى المسوءولية والامانة التي نتحملها جميعا في اطار هذه اللجنة التي دافعت منذ تأسيسها عن القضية العادلة للقدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين.
كما أننا نعتز بحضور أخينا المجاهد الرئيس ياسر عرفات الذي نشيد باسمكم بما يتحلى به من ايمان واستماتة من أجل تحقيق الطموحات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في اقامة دولته المستقلة.
فمنذ انعقاد القمة الاولى لمنظمة الموءتمر الاسلامي بمدينة الرباط سنة 1969 بمبادرة من والدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني أكرم الله مثواه اثر المحاولة الاثمة لاحراق المسجد الاقصى المبارك أكد العالم الاسلامي تصميمه على التصدي لكل الممارسات التي استهدفت هذا الرمز الديني العظيم. وقد تجسد ذلك في تأسيس منظمة الموءتمر الاسلامي تعبيرا عن تضامن الامة الاسلامية من أجل الدفاع عن مقدساتها وموءازرة الحق الفلسطيني المشروع.
وضمانا لفعالية أكبر لهذه الجهود تم استحداث هذه اللجنة الدائمة التي أسندت رئاستها لوالدنا المنعم طيب الله ثراه الذي كانت قضية القدس الشريف تشغل وجدانه وتفكيره على الدوام موليا اياها كامل عنايته واهتمامه كما أنها حظيت بمكانة خاصة في اتصالاته ومبادراته الحكيمة من أجل الوصول الى حل عادل وشامل ودائم لمشكلة الشرق الاوسط حيث كان رحمة الله عليه موءمنا ومجاهدا ومدافعا مستميتا عن عدالة قضية القدس الشريف.
وقد قطعت لجنة القدس خطوات موفقة لكسب التعاطف الدولي والوقوف في وجه محاولات طمس الهوية الحضارية والعمرانية والاجتماعية لهذه المدينة المقدسة التي تعتبر ملتقى للاديان السماوية ورمزا للتسامح والتعايش وللقيم الروحية الخالدة.
وسيرا على النهج القويم الذي سنه والدنا المنعم تجاه هذه القضية واستمرارا في الاضطلاع بأمانة رئاسة لجنة القدس من قبل ملك المغرب فاننا لم نفتأ نجعل من الدفاع عن الحقوق المشروعة للامة الاسلامية عامة وللشعب الفلسطيني خاصة في القدس الشريف في طليعة القضايا التي تصدرت لقاءاتنا ومباحثاتنا مع العديد من روءساء الدول الشقيقة والصديقة.
فخامة الرئيس السيد ياسر عرفات
حضرات الاعضاء المحترمين
لايخفى عليكم أن المغرب ظل متشبتا بنهج السلام العادل وسيظل كذلك باذلا كل ما استطاع في هذا السبيل رغم ادراكه لمشاق وصعوبات هذا المسلك وفي ظروف لم تكن هنالك الا قلة تؤمن بهذا الخيار.
وسيبقى المغرب على ما هو معهود فيه وفيا لهذا الخيار مخلصا في انتهاجه ايمانا منه بأن السلام المنصف هو الذي يجب أن يسود بين شعوب المنطقة.
ومن هذا المنطلق تتبعنا- كما تتبعتم- بكل اهتمام المفاوضات الشاقة والمريرة التي دخلها منذ فترة أشقاؤنا الفلسطينيون من أجل اسرجاع حقوقهم الوطنية المرتكزة على قرارت الشرعية الدولية. تلكم المفاوضات التي مرت بمخاض عسير وتوقفت بفعل تأثير عدد من العراقيل والصعوبات.
وخلال الاسابيع القليلة الاخيرة ساد نوع من التفاؤل على اثر القمة التي رعاها صديقنا الكبير فخامة الرئيس الامريكي بيل كلينتون في كامب ديفيد والتي اجتمع حوله فيها كل من أخينا العزيز الرئيس ياسر عرفات والوزير الاول الاسرائيلي السيد ايهود باراك.
واننا لعلى يقين من أن الرئيس بيل كلينتون عازم على وضع كل ثقله لمواصلة مساعدة الاطراف المعنية على الوصول الى اتفاق شامل ينهي سنوات مريرة من الصراع والمآسي.
ورغم ان قمة كامب دايفيد لم تتوصل الى النتائج المرجوة الا أنها قطعت أشواطا مهمة على طريق الوصول الى تفاهم بين الطرفين حول كل قضايا الوضع النهائي الذي وضعت أسسه في أوسلو وتوقفت بسبب ماطرح فيها من أفكار واقتراحات كان جانب منها يهم مسألة القدس. فهذه التطورات استلزمت ان ندعوكم الى هذا الاجتماع المبارك قصد التشاور وتبادل الرأي حول هذا الموضوع الهام.
وفي هذا السياق فانه يتعين علينا أن نعمل بروح المسؤولية والتضامن والاجماع لتقييم الاوضاع الراهنة والمستجدات الطارئة واتخاذ توصيات صائبة يكون لها تأثيرها الايجابي على مسار المفاوضات النهائية وخاصة ما يتعلق منها بقضية القدس الشريف التي تعتبر قضية المسلمين جميعا في مختلف انحاء العالم والذين يتطلعون الى تحريرها لتكون عاصمة للدولة الوطنية الفلسطينية المستقلة.
ويجب التأكيد انه لن يتحقق سلام حقيقي وعادل في منطقة الشرق الاوسط الا باحترام الشرعية الدولية والاسس القانونية التي التزم بها المجتمع الدولي بخصوص هذه المدينة المقدسة المحتلة.
ونغتنم مناسبة انعقاد الدورة الثامنة عشرة هاته للجنة القدس وفي هذا الظرف بالذات لنخاطب كل المعنيين بالسلام والعاملين من أجل استتبابه مؤكدين ان الاجيال الحاضرة تتطلع بأمل كبير ليعم السلام في هذه المنطقة الحساسة من العالم ويبدأ عهد جديد قوامه التعايش والوئام مرتكزا على الثقة والعمل المشترك من اجل بناء واقع جديد يمكن الاجيال القادمة من العيش في استقرار وامن ورخاء. وهذا الطموح يتطلب بعد نظر وشجاعة سياسية ويلقي على عاتق الجميع مسؤولية جسيمة.
وفقنا الله في أعمالنا والهمنا السداد والرشاد.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته".