''الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
معشر الضباط وضباط الصف والجنود..
كم يغمرنا الحبور ونحن نتوجه اليكم لأول مرة بعد اعتلائنا عرش أسلافنا المنعمين فى يوم عيدكم الذى يوءرخ للذكرى الرابعة والاربعين لتأسيس القوات المسلحة الملكية على يد جدنا المشمول بعفو الله جلالة الملك المجاهد محمد الخامس طيب الله ثراه الذى يعود له الفضل في وضع اللبنات الأولى لهذا الصرح المنيع وسنغتنمها مناسبة سعيدة لنستحضر بكل فخر واعتزاز المجهودات الجبارة التي قام بها والدنا المنعم صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني طيب الله ثراه الذي نذر حياته لبناء دولة الموءسسات وأولى عناية خاصة للقوات المسلحة الملكية منذ تأسيسها دون أن يألو جهدا ليرقى بها إلى المستوى المنشود.
ومن هذه العناية أن قلدنا جلالته رحمه الله سنة 1985 مهام تنسيق مكاتب ومصالح أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية مما جعلنا نتتبع مسيرة تطوركم عن قرب ساهرين على تكوينكم وتأطيركم وتجهيزكم عاملين بكل حزم على الرفع من مستواكم إلى المكانة التي تليق بسمعة هذا البلد الأمين.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود..
إن العناية الأبوية التي حباكم بها والدنا المنعم طيلة أربع وأربعين سنة كنتم ولا تزالون أهلا لها عن جدارة واستحقاق لما برهنتم عنه ماضيا وحاضرا من تمسككم بالتقاليد العسكرية المغربية الأصيلة فظل سلوككم يتميز بالاستماتة والاخلاص والتفاني في خدمة هذا الوطن لما تقومون به من أعمال نبيلة في ميادين مختلفة عسكرية وعمرانية واجتماعية ولما أبنتم عنه من صمود وثبات ونكران للذات في الدفاع عن هذا الوطن ومقدساته وعن سيادة البلاد ووحدتها الترابية كما أبرزتم كفاءاتكم وقدراتكم على الصعيد الدولي بمشاركة تجريدات مغربية في العديد من الجبهات دفاعا عن القانون والشرعية الدولية ومساهمة في اقرار السلام بين الأمم والشعوب ومن هنا جاء عزمنا سيرا على نهج والدنا المنعم وتمسكا بسننه الحميدة على الابقاء على هذا التقليد بايفاد تجريدات أخرى للمشاركة في بعض المناطق استجابة لرغبة المجتمع الدولي وخدمة لهذه المباديء النبيلة.
إن ما تقوم به تجريدة القوات المسلحة الملكية في كوسوفو مثلا من تضميد للجراح وتخفيف للآلام شأنها في ذلك شأن التجريدات السابقة والمتواجدة حتى الآن التي سجل التاريخ بكل فخر واعتزاز بصماتها على جبهات متعددة لخير شاهد على ما تتميز به قواتنا من اخلاص ونزاهة ونكران للذات في سبيل الدفاع عن قيم انسانية نبيلة مكنت المغرب من تبوء مكانة متميزة بين الدول المحبة للسلام والمشروعية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود..
وكم ازددنا بكم فخرا واعجابا خلال رحلتنا التفقدية الميدانية لبعض الحاميات العسكرية بمنطقة الرشيدية ووارزازات واكادير والتي اقتربنا من خلالها عن كتب من الجندي في حياته العملية واليومية كما وقفنا عن قرب على تجهيزاته ومعداته فلمسنا المعنويات العالية وحسن التنظيم والتسيير والتجهيز ودقة الانضباط وشكل استعراضكم بأكادير الذي توجناه بحضورنا يوما تاريخيا ومشهدا رائعا يجسد كل ما تتحلى به قواتنا من كريم الخصال ويجعل كل مغربى داخل هذه الأمة يزداد بكم اعتزازا وكل فرد داخل القوات المسلحة الملكية يفتخر بالانتماء اليها كما ازداد يقيننا على أنكم ستضاعفون مجهوداتكم لرفع كل التحديات ولتحقيق الآمال المعلقة عليكم.
إننا منذ أن وضع الله بين أيدينا أمانة الملك واختارنا لقيادة الأمة ولأركان القوات المسلحة الملكية وضعنا نصب اعيننا مجموعة من الاهتمامات ومنها العناية بالموءسسات والعمل على تطويرها ومن بينها القوات المسلحة الملكية فعزمنا على مواصلة المجهودات لنجعلكم ضباطنا وضباط صفنا وجنودنا الأوفياء تستفيدون باستمرار من التطورات العلمية والتقنية التي يعرفها العالم وليظل تنظيمكم وتكوينكم وتأطيركم وتجهيزكم يواكب التقدم الحضاري.
إن التحولات السريعة التي يشهدها العالم أفرزت أشكالا جديدة من التحديات واكبتها تطورات تقنية وتكنولوجية لم يعد بالامكان ازاءها تجاهل أسباب العصرنة والحداثة بالخصوص في المجال العسكري. ان نهج المرونة والتكيف مع تطور الأحداث يستدعيان منا ضرورة العمل على مواكبة التطور بالارتقاء بأساليب التدريب العسكري وتحديث آلياته والرقي بأفراده على المستوى الفكري والعلمي.
في هذا الاطار كان ضروريا أن نسهر على تحسين كفاءة أطرنا العسكرية العليا ومدها بأحدث الوسائل العلمية والتقنية والمعرفية لتساير ركب التطور الذي نعيشه فسيكون انشاء الكلية الملكية للدراسات العسكرية العليا ابتداءا من اكتوبر المقبل تكريسا عمليا لهذه الارادة القوية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود..
إن احتفاءكم بهذه الذكرى تزيد دلالته قوة ورمزيته ابعادا باستحضارنا بكل إجلال وخشوع ذكرى القائدين الراحلين جدنا المغفور له جلالة الملك محمد الخامس رائد الوطنية وموءسس القوات المسلحة الملكية ووالدنا المنعم صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني أب الأمة وباني المغرب المستقل الحديث وإننا بهذه المناسبة الجليلة لنتضرع الى الباري عز وجل أن يشملهما بواسع رحماته ويسكنهما فسيح جناته ويعيننا على تحقيق طموحنا جميعا سيرا على نهجهما واحتراما لتوصياتهما.
وبنفس الخشوع نتوسل الى العلي القدير أن يشمل برحمته شهداءنا الابرار الذين ضحوا بالغالي والنفيس ليعيش المغرب حرا مطمئنا وأن ينعمهم بما وعدهم به من حسن المقام سائلين الله أن يسدد خطاكم ويشد عزمكم ويبقيكم حاملين لمشعل البسالة والسلام متشبثين بالكرامة ومتحلين بأفضل الخصال صامدين عازمين وبحسن الانقياد والامتثال متمسكين لتتبوأ بلادنا المكانة اللائقة بها بين الدول مبرهنين بذلك على تعلقكم الراسخ بقائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ومتشبثين بشعاركم الخالد..
الله – الوطن - الملك ''.